فرغراند ليست بالضرورة تكرارًا لما حدث مع ليمان براذرز

متين خالد

لقد شجّعتُ ليلة البارحة على شراء الأسهم في سوق الأسهم الأمريكية حين انخفض مؤشر داو جونز بين 850 و950 نقطة. وأصبحت دعوتي هذه اليوم مصدرًا لجني الأموال مع ارتفاع العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بمقدار 250 نقطة قبل افتتاح السوق بعد تسجيل ارتفاع ساحق مدهش قدره 300 نقطة في الساعة الأخيرة من التداول في بورصة نيويورك الليلة الماضية. لكن صاحب القلب الواهن لا يصل إلى أهدافه ولا يبيع ويشتري أسهم المؤشر في الوقت نفسه ليحقق مكاسب مفرحة.

أنا مقتنع أن حالة أفرغراند ليست نسخة عن حالة بنك ليمان براذرز، وقناعتي هذه مستندة إلى حقيقتين وجوديتين. الحقيقة الأولى هي أن أفرغراند تملك أصولاً ملموسة كالمباني والأراضي، في حين أن ميزانية ليمان العمومية البالغة 640 مليار دولار كانت أشبه بكازينو اعتمد أسلوب استعمال الرافعة المالية بالأصول السامة وتكوّن من التزامات دين غير نقدية مضمونة برهن عقاري عالي المخاطر ومخلفات مبادلة مخاطر الائتمان. أما الحقيقة الثانية فهي أن ديون أفرغراند البالغة 300 مليار دولار مستحقة بالدرجة الكبرى لصالح مصارف الدولة الصينية التي اعتادت على معايير المحاسبة المتحايلة في هذا البلد القائم على عقائد ماو تسي تونغ ودينغ شياوبنغ وكارل ماركس.

ADVERTISEMENT

يعدّ البنك الصناعي والتجاري الصيني أكبر مصرف في العالم من حيث قيمة الأصول، ولكنه يتداول بما يعادل خمس مرات قيمة أرباحه لسبب وجيه. وصحيحٌ أن بعض الصناديق الغربية “الشيطانية”، أمثال بلاكستون، أقرضت المال لأفرغراند، ولهذا السبب استمتعتُ بالبيع المكشوف لقاء ربح سريع عندما انخفض السهم بنسبة 8٪ الليلة الماضية، غير أن الأسواق المالية لا تأخذ في الحسبان المخاطر التي ينطوي عليها النظام ككل، سواء النظام المالي الصيني أو النظام المالي العالمي. فقد توقعتُ أن ترتفع مبادلات مخاطر الائتمان من بنك إتش إس بي سي بما لا يقل عن 150 نقطة أساس، وكنت عندها لأتحصّن وأغطي كل استثماراتي ذات المركز الطويل (أي الشراء مع توقع ارتفاع القيمة) قبل افتتاح السوق. لكن مبادلات مخاطر الائتمان هذه، البالغة مدتها خمس سنوات، لم ترتفع إلا بمقدار 20 نقطة أساس في حين ارتفعت هذه المبادلات في بنوك المراكز المالية الكبرى ما بين 300 و500 نقطة أساس حسبما أتذكر عندما ضربت صدمة ليمان الأسواق العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2008.

في الواقع، وقع بنك ليمان رهينة أسواق التمويل القصير الأجل التي أصابها الجمود حين لم يسارع البيت الأبيض بعهد بوش إلى إنقاذ هذا البنك الاستثماري – الذي بدا ظاهريًا أكبر من أن يفشل – من خلال زواج سريع (حسنًا، من خلال عملية دمج) كما حدث عند دمج بنك بير ستيرنز مع جي بي مورغان. لكن ما حدث مع أفرغراند لم يكن متوقعًا ولا مرجّحًا لأن مصائب ديونها كانت محتسبة في أسواق رؤوس الأموال العالمية منذ عام 2017 على الأقل. لذلك ليس من المنطقي الافتراض أن يصيب خطر العدوى دومينو المصارف الغربية بسرعة الضوء.

إذا كنتم توافقون معي الرأي، عليكم بالتريث وسوف ترون أسهم سيتي غروب تحلّق الليلة بنسبة لا تقّل عن 3٪ في بورصة نيويورك. لا يحتاج المدعو “مات” إلى كرة سحرية لجني المال في وول ستريت؛ وكل ما علي فعله هو الاستماع إلى وقع حوافر القطيع ومشاهدة الخراف فيما يُجزّ صوفها قبل أن يذبحها المطّلعون على أسرار السوق الداخلية.

سأعطيكم مثالاً على ذلك: فيما كانت أسهم البنوك تُمزّق ليلة أمس، لماذا لم يحصل أي انهيار في سوق السندات الأمريكية ذات العائد المرتفع؟ ففي النهاية، سجّلت أفرغراند أكبر تخلف عن السداد للشركات في سوق السندات الآسيوية ذات العائد المرتفع، ومن المؤكد أن خطر العدوى يصيب السندات متدنية التصنيف والأسهم العادية على حدٍّ سواء، أليس كذلك؟ بما أن السندات الأمريكية ذات العائد المرتفع أشبه بالكلب الذي لم ينبح في رواية شيرلوك هولمز، غُصت في السوق واستحوذت على الأموال المجانية التي تلطّفت بها عليّ البورصة في فترات انهياراتها العصبية الدورية. وعلى حد ما كان يقوله المحقق شيرلوك عند فك لغز قضية ما، الأمر سهلٌ وواضح يا عزيزي واتسون.

وبالمناسبة، كان الدكتور واتسون أشهر شخصية خيالية انبثقت عن معركة مايواند عام 1880 خلال الحرب الإنكليزية الأفغانية الثانية، شأنه شأن مالالا.

 

كبير مسؤولي الاستثمار في أساس كابيتال

Translated by: https://industryarabic.com/


Notice an issue?

Arabian Post strives to deliver the most accurate and reliable information to its readers. If you believe you have identified an error or inconsistency in this article, please don't hesitate to contact our editorial team at editor[at]thearabianpost[dot]com. We are committed to promptly addressing any concerns and ensuring the highest level of journalistic integrity.


ADVERTISEMENT